أحببتك من قبل أن تولدي
ومن قبل أن أولد أنا ..
إنه حب تخلق في رحم الزمان
قبل آلاف السنين ,
كنت أبحث فيه عنك ,
وأسأل النسمات عنك ,
وأسأل السماء حين تمطر
والعصافير حين تغرد ,
كنت أسأل عنك الليل والفجر
واللؤلؤ في أعماق البحار .
ولو أردت الحقيقة
أيتها الموجة الرقيقة
فاسألي عنها جفون القمر
وأهداب النجوم ,
حيث تجدينني مختبئ فيها
فاتحًا ذراعيَّ
لكي أحتضن أطيافك
حين تأتيني مع حلول المساء .
لو تعلمين مقدار شوقي إليك
لما تأخرتِ عني طوال تلك السنين
وتركت قلبي حائرًا
ينتظرك في لهفة العاشق الحالم
وبراءة الطفل الوديع
الذي ينتظر حنانا من صدر أمه .
إنني في انتظارك
أرتد معكِ في اليوم آلاف المرات
إلى زمن الطفولة البريئة ,
ألعب معك وألهو بين يديك
وأنطلق معك في رحلة عشبية اللون ,
وردية الأحلام ,
نحلم سويا بمستقبل حنون وديع ,
ونعيش واقعا آخر
ليس فيه وحوش وذئاب وخفافيش ,
بل نعيش ـ أنت وأنا ـ واقع البراءة والطفولة
والحب الصافي حتى الثمالة .
إننا ـ يا صغيرتي ـ لا نعرف التملق والرياء ,
ولا نستطيع أن نلبس أقنعة مزيفة
كما تفعل بعض الذئاب البشرية ,
لأننا ولدنا ـ أنت وأنا ـ من رحم الحب الطاهر ,
وما زلنا نتوالد كما تتوالد النجوم في السماء
كل مساء .
بكِ يختلف الواقع مهما كان مؤلمًا
ويصير بالنسـبة لي مصدر سعادة
وراحة ورضا واطمئنان .
بكِ أرى الحاضر مستقبلا
وينسلخ الزمان من جلده
ويفقد هويته
ويصير رهن إشارة من طرف قلبي
المعلق بأشجار قلبك .