زمن الرحيل
عدد المساهمات : 757 تاريخ التسجيل : 15/08/2008
| موضوع: هجرة كل يوم وتجديد أحوال النفس الثلاثاء سبتمبر 09, 2008 3:28 pm | |
| هجرة كل يوم وتجديد أحوال النفس
لهجرة حدث إيماني من أحداث السيرة الإيمانية التي عاشها نوح - عليه السلام - حين أمر أن يخرج إلى دار الإيمان مع قلة مؤمنة وسط البحر وعاشها إبراهيم - عليه السلام - حين خرج من مصر وقال "أني مهاجر إلى ربي" (العنكبوت:26) وحين قال "إني ذاهب إلى ربي سيهدين" (الصافات) وعاشها موسى - عليه السلام - وصورها قوله تعالى: "فرج منها خائفا يترقب" (القصص:21).
الهجر أيضا حركة مستمرة نحو تغيير ما بالنفس، تبدأ وقائعها عندما يؤمر العبد بالانتقال من الكفر إلى الإيمان ومن الشر إلى الخير، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الظلام إلى النور، ومن الرذيلة إلى الفضيلة، ومن العجز والكسل إلى القوة والإرادة.
وتبدأ الهجرة عند النداء لصلاة الفجر: "الصلاة خير من النوم" فيهجر المسلم أول ما يهجر - فراشه وأهله وراحته، ولسان حاله "مضى عهد النوم" .. عندها يتمكن الإيمان من قلبه ويلتقي المؤمن بربه ساعة السحر .. ساعة ينزل ربنا إلى السماء الدنيا، ويكون أنسه بربه وصلاته قرة عينه.
والهجرة تعني الانتقال من دار تهان فيها العقيدة والدعوة ويهان فيها الإيمان والمؤمنون إلى دار تعز فيها الدعوة ويعز فيها المؤمنون، دار النصر والإيواء، والحب والإخاء، والإيثار، قال تعالى: "والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أُتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" (الحشر:9).
الهجرة كذلك إيذان بدفاع الله تعالى عن المؤمنين قال سبحانه: "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله" (الحج:39). والهجرة تعني تبديل أحوال النفس ، والانتقال من حال إلى حال أفضل، فهي تعني التحقق بصفات "عباد الرحمن" بما تعنيه هذه الصفات من ترك عبودية الطواغيت والأهواء والأموال والجاه والسلطان والشهوات والأولاد والأزواج إلى عبودية الله، فهم يمشون على الأرض هونا، هاجرين الكبر والتعالي، متصفين بالتواضع والإخبات وهم "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" (الفرقان: 63) تاركين الرد على الجاهلين، دستورهم في ذلك: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" (الأنعام: 108)، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بنك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" (فصلت: 34) ثم هم بعد ذلك ومعه "يبيتون لربهم سجدا وقياما" (الفرقان: 64) تاركين النوم والراحة تاركين النوم والراحة ومتقلبين بين السجود والقيام، وكلاهما معنى يشير إلى الحركة الدائبة، متنقلين من عبادة إلى عبادة، سائلين مولاهم أن يصرف عنهم النار، لأن ذلك هو فوزهم: "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" (آل عمران: 185).
وفي أموالهم يهجرون التقتير والإسراف إلى الإنفاق المحمود والمقبول، وهم قيل ذلك لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا يزنون، فكان جزاؤهم "فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات" (الفرقان: 70)، بعد أن قاموا هم بتبديل أحوالهم، فالهجرة توبة, والتوبة هجرة، والتائب مهاجر، والمهاجر تائب، وكان جزاؤهم أنهم صاروا من أولئك الذين "يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما (الفرقان: 76،75). | |
|
درة عبر الزمان
عدد المساهمات : 227 تاريخ التسجيل : 15/08/2008 العمر : 49
| موضوع: رد: هجرة كل يوم وتجديد أحوال النفس الثلاثاء سبتمبر 09, 2008 4:53 pm | |
| | |
|